الحلو مر مشروب الطاقة الطبيعي

الحلومر - مشروب الطاقة الطبيعي

مقال منقول من بحث بقلم / سامية عبد اللطيف حسن
أخصائية في علوم الغذاء وطب الطبيعة

‎ المائدة السودانية- حكمة وعبقرية حـواء المرأة السودانية

الحلومر المشروب الذي يميز المائدة السودانية خلال شهر رمضان الفضيل هو بحق أحد شواهد التمازج بين الحضارة الأفريقية والحضارة العربية الإسلامية.
الحلومر هو كاسمه تماما فهو يحمل بين طياته السكر والحامض وقد عملت المرأة السودانية على تصنيعه من خلال إجراءات طويلة ومعقدة. ابتدأ من اختيار صنف الذرة المستخدمة في صناعته ومرورا بعملية إنبات الذرة (الزريعة) حيث يتم خلال الإنبات تنشيط حبوب الذرة فتتكون فيها الإنزيمات التي تقوم بتحويل النشاء إلى سكر كما يحدث كذلك تغيير في تركيب الحبوب يؤدي لزيادة القيمة التغذوية فيها. يتم طبخ دقيق الذرة حيث ينتفخ النشاء خلال هذه العملية ويتهيأ لعملية التحلل الأنزيمي والتي تتم عند خلط العجين المطبوخ بدقيق الذرة النابتة ( الزريعة) عندها تعمل الإنزيمات على النشاء فيتحول إلى سكر. كما أن عملية طبخ العجين تكتسبه صفة جيلاتينية تمنحه لاحقا نعومة وتماسكا بحيث تتمكن صانعته من وضعة في لفائف متماسكة. ثم تتم عملية التخمير باستخدام عجين متخمر حيث تؤدي عملية التخمير إلى تحسين القيمة التغذوية بصورة كبيرة . وعند انتهاء التخمير. ثم يتم إضافة البهارات التي تشمل القرفة، القرنجال، الكمون،الحبهان، القرنفل،الكزبرة، الكركدي، الحلبة ...الخ. تعمل هذه المضافات في إضفاء نكهة مميزة للحلومر فإنها إلى جانب زيادة قدرة الحفظ كما تقوم بتدعيمه بكل ما فيها من مكونات صحية.( فعلى سبيل المثال الحلبة غنية بالحديد والفيتامينات؛ الكركدي غني بالمعادن، القرفة تساعد في زيادة حركة عضلات الجهاز الهضمي)

ثم تأتي عملية العواسة والتي هي تكملة لعمليات الطبخ والتجفيف حيث يكتسب الحلومر النكهة المميزة النهائية ويكتسب اللون المميز. ثم يتم تجفيف المنتج ويحفظ في عبوات مناسبة.

عند الإعداد يتم نقع كمية مناسبة للحصول على الطعم المميز وتحلى بالسكر ويقدم المشروب باردا.

ويأتي السؤال هل الحلومر مشروب مفيد؟ والإجابة نعم فبالنظر لمكوناته نجد أنه يحتوي على مغذيات عديدة: فهو مصدر ممتاز للماء والممزوجة بنسبة من السكر الطبيعي الذي نتج خلال عملية التصنيع، ويحتوى على الياف ذائبة موجودة طبيعيا بالذرة وأحماض أمينية ومعادن وفيتامينات ومضادات أكسدة طبيعية.
هل هنالك مخاطر تتعلق بصناعة الحلومر: بما أن السودانيين يتناولون هذا المشروب عبر مئات السنين هذا في حد ذاته اثبات لعدم وجود مخاطر. وبالنظر لعملية تكون اللون البني والتي قد يساءل البعض هل يوجد بالحلومر نسبة من الأكريلامايد الذي يتكون عند خبز المنتجات الغنية بالسكر والبروتين؟ فقد وجد العلماء أن البروتين الذي ارتبط بتكوين الأكريلامايد هو الأسبارجين ولحسن الحظ وجد العلماء أن الأسبرجين تقل كميته خلال عملية تخمير الذرة مما يقلل مخاطر تكوين هذا المركب. كما أننا في السودان لا نتناول الحلومر الا خلال شهر واحد من السنة. وأعتبر هذه الفرصة سانحة لطلاب العلم في السودان لتقدير هذه المادة في الحلومر.

لماذا لا يفضل مرض القولون الحلومر برغم كل المزايا التي يتمتع بها هذا الشراب؟

لربما أن الحلومر لاحتوائه على البهارات والتي يمكن أن تزيد من حركة الجهاز الهضمي تكون السبب في عدم ارتياح مرضى القولون لهذا المشروب.
وقد يكون الحل الأمثل هو تحضير مشروب مخفف منه أي تقليل التركيز والكمية أو لربما تحضيره بمزيج من الأعشاب المعالجة للقولون مثل الشمر.

نصيحة أخيرة هي تقليل السكر الذي يضاف للحلومر خاصة وأن المشروب أصلا يحتوي على سكر طبيعي. وحيث أن تناول المشروب المحتوي على نسبة عالية من السكر يقلل من كفاءة امتصاصه بالجسم. المشروبات المقوية للرياضيين تتميز بقدرتها على تعويض الجفاف من خلال احتوائها على لعناصر المعدنية الضرورية وانخفاض محتواها من السكر مما يسرع من عملية الامتصاص للماء. وهذا ما ينطبق على الحلومر الذي تم تصنيعه وإعداده وتقديمه لتحقيق غاية مهمة جدا خلال رمضان ألا وهي تعويض السوائل وبكفاءة عالية.